يبدوا أن قرع طبول الحرب في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لا تهدأ في الفترة الأخيرة فيوماً بعد يوم نستمع إلى تصريحات المسؤولين الإسرائيليين عن قرع طبول الحرب مع إيران وتارةً أخرى نستمع إلى تصريحات لخبراء إسرائيليين وخبراء وباحثون عرب عن الحرب القادمة بين مصر والكيان الصهيوني بسبب مياه نهر النيل ، وبالطبع إذا نظرنا إلى ما هو قادم فعلاً سنجد أن الحرب قادمة بين مصر من جهة وإسرائيل وأثيوبيا من جهة أخرى على مياه نهر النيل، وبالنسبة لإيران فاعتقد بأنها مجرد تصريحات إعلامية أكثر من أنها جدية، وأعود لتوضيح أسباب الحرب القادمة بين مصر وإسرائيل أولاً هناك تقارير دولية تشير إلى أن إسرائيل ستصبح دولة بلا مياه خلال ست إلى سبع سنوات تقريباً ، حيث أنها حالياً تستنزف كل ما لديها من مياه بالإضافة إلى أنها تجلب مياه من تركيا عبر بالونات كبيرة من المياه يتم جرها لإسرائيل ، ثانياً هناك أطماع إسرائيلية في مياه نهر النيل منذ نشأة الصهاينة في المنطقة العربية وحلمهم القديم بأن تمتد دولتهم من النيل إلى الفرات ، ويجب هنا التنبيه إلى أن هناك العديد من الدراسات والتقارير تشير إلى الدور الذي تلعبه إسرائيل مع قادة أثيوبيا وأوغندا، وذلك عبر إمدادهم بالأموال اللازمة لبناء ستة سدود مائية على مياه نهر النيل الأزرق في أثيوبيا، بهدف تنمية الزراعة فيها وتوليد الطاقة الكهربائية وإغرائها بالمكاسب المالية الكبيرة التي ستجنيها بلادهم من هذه السدود في المستقبل القريب ، ولكن في الحقيقة إن المكاسب الحقيقة هي مكاسب إسرائيلية للضغط على الحكومة المصرية ومضايقتها وتهديد أمنها القومي بفرض حصار على الموارد المائية الاستراتيجية لها عبر البوابة الأثيوبية.
ثالثاً في العام 2005 نشرت صحيفة إسرائيلية " يديعوت أحرونوت خبراً بتاريخ 18-03-2005 لأحد كبار الخبراء الإسرائيليين في الفيزياء النووية يدعى "يوفال نيئان" وهو أحد أهم علماء الجيش الإسرائيلي الذي قال بالنص إن بلاده قد طورت نباتاً لديه القدرة على تجفيف مياه النيل إذا ما جرى نشره بكثافة في منطقة بحيرة أسوان، وهذا يدل على أن هناك خططاً ودراسات جاهزة التنفيذ في حال نشوب أي خلاف بين مصر وإسرائيل في المستقبل سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو غير ذلك .
من جهة أخرى حذر خبير المياه الدولي الدكتور أحمد فوزي دياب أستاذ الموارد المائية بمركز بحوث الصحراء على وجود مخطط أمريكي – إسرائيلي يستهدف تدويل مياه نهر النيل والضغط على مصر لإمداد تل أبيب بالمياه عبر ترعة السلام المصرية، ودلل على ذلك بأن الولايات المتحدة تقوم حالياً ببناء قيادة مركزية بأفريقيا وبخاصة في أثيوبيا التي تحتفظ بعلاقات متينة مع الكيان الصهيوني، هذا وقد كشف الخبير العربي دياب بأن الولايات المتحدة تحاول طرح فكرة نقل تخزين المياه من بحيرة ناصر المصرية إلى أثيوبيا، من ثم تعبئتها في براميل تحملها سفن لبيعها خارج القارة الأفريقية، مما سيؤثر سلباً على حصة مصر من مياه النيل أو بمعنى آخر سيؤثر على الأمن القومي المصري.
هذا وقد توقع الخبير العربي الدكتور غازي ربابعة في محاضرةٍ له بالمركز الثقافي الإعلامي بأبوظبي نشوب حرباً بين مصر وإسرائيل على مياه نهر النيل قبل عام 2015 معللاً ذلك بأن إسرائيل مقبلة على أزمة مائية شديدة وأن إسرائيل ستصبح دولة بلا مياه خلال ست سنوات وأن مواردها المائية التي تقدر بـ 10% من مخزونها المائي المتاح إما ارتفعت فيه الملوحة بسبب الاستهلاك الخاطئ له أو بسبب المواد الكيميائية الموجودة في الأرض بإسرائيل ، وأضاف أن إسرائيل سوف تستنزف جميع الوسائل السلمية للحصول على مصادر مياه من دول الجوار ومن ثم ستضطر إلى استعمال القوة العسكرية بهدف السيطرة على مصادر مياه أخرى " في إشارة إلى مياه نهر النيل "، من جهة أخرى تحدث الخبير ربابعة في محاضرته عن قيام إسرائيل بتدريس حوالي 20 ألف طالب أفريقي وأن هؤلاء قد أنهوا دراساتهم العليا في إسرائيل وهم حالياً يتبوءون مناصب سامية في بلادهم، وأشار الدكتور ربابعة إلى مسالة التهديد الأثيوبي ببنائها لعدد من السدود بمساعدة إسرائيل وهو ما يلوح إلى بوادر أزمة سياسية بين مصر وأثيوبيا، وربما إلى حرب في المستقبل بينهم على موارد مياه نهر النيل .
وأخيرا ً تجدر الإشارة إلى التصريحات واللغة القوية التي تحدث فيها الرئيس المصري عن المساس بمياه النيل ، يعني المساس بأمن مصر القومي، وهو أمر لا تقبله مصر مطلقاً ولن تتهاون فيه، وأضاف أن مصر لن تستمر في صمتها وأنه إذا ما شعرت بأن هناك شيئاً يمس أمنها القومي فإنها لن تتردد في إيلام من يريدون أن يمسونها بسوء ، وهي إشارة مبطنة من الرئيس المصري إلى قادة الكيان الصهيوني وأثيوبيا ، هذا وقد حذرت الخارجية المصرية دول حوض النيل من التوقيع بشكل منفرد على اتفاق إطاري لإعادة تقسيم مياه النيل بطريقة تؤثر على حصة مصر من النهر والبالغة نحو 55 مليار متر مكعب سنوياً، ويأتي هذا التحذير المصري بعد أن أعلنت أوغندا الأسبوع الحالي أنها ستقيم مشروعا لإنتاج نحو 17 ألف ميغاوات من الطاقة الكهربائية على فروع نهر النيل بدون أن تأخذ أي موافقة مسبقة من القاهرة والخرطوم اللتين ما ترفضان عادة مثل هذه الخطوات المنفردة.