من كان يشاهد كرة القدم فى بداية التسعينات عبر الشاشة الصغيرة بالتأكيد سيتذكر هذه العبارة التى كانت تطل بها المذيعة الجالسة أمام الخلفية الزرقاء عند تقديمها لأى مباراة يتم نقلها عبر التلفاز وأعلى يمين الشاشة يظهر الشعار الشهير للقناة الثانية المصرية وهى القناة الوحيدة التى كانت تقوم بنقل المباريات حينها حيث كانت معظم البيوت المصرية لا تشاهد إلا القناة الأولى والثانية وقناة أخرى محلية.
كنت وقتها أنتظر مباريات فريقى بفارغ الصبر وعندما تكون هناك مباراة للأهلى وأخرى للزمالك فى نفس الوقت كنت لا أستطيع إلا أن أشاهد مباراة واحده لأن الأخرى غير مذاعة تليفزيونيا وكنت أستعين بالإذاعة حتى أتابع المباراة الأخرى، أما باقى الأندية فكنا لا نشاهدها إلا عندما تلاقى الأهلى والزمالك.
فى هذا الوقت كانت المنافسة دائما مشتعلة بين الأهلى والزمالك والمستوى كان متقاربا بشدة لكننا لم نكن نعرف شىء عن الأندية الأخرى إلا نتائجها فقط، فلم نكن نعرف مستويات هذه الأندية ولا حتى أسماء لاعبيها وبالتأكيد كان هذا ظلما كبيرا للاعبى هذه الأندية التى ابتعدت عنها عيون المتابعين بما فيهم الأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية.
عام 1994 كان الإسماعيلى هو منافس الأهلى على اللقب والتقى الفريقان فى مباراة فاصلة بالإسكندرية، فهل نتخيل أن هذه المباراة كانت هى المباراة الخامسة فقط التى يراها الجمهور للنادى الإسماعيلى الذى كان من الممكن أن يكون بطلا للمسابقة؟!!
هل نتخيل أن على الجهاز الفنى للمنتخب أن يذهب للملعب فى كل المحافظات حتى يتابع بعض اللاعبين من الأندية الأخرى حتى يضمهم للمنتخب؟!!
بالتأكيد نتذكر جميعا أن المنتخب الوطنى فى أوائل التسعينات كان ضعيف المستوى وكل مشاركاته الأفريقية كانت عادية جدا وربما أن هناك لاعبين أصحاب مستويات عالية حرموا من التواجد بالمنتخب بسبب عدم المتابعة – المبررة جدا – من قبل الأجهزة الفنية للمنتخب والتى اعتمدت كليا على لاعبى الأهلى والزمالك فقط.
مع مرور الوقت بدأت القنوات المحلية فى نقل مباريات الأندية الخاصة بها فكنا أبناء الإسكندرية نتابع نادينا الإتحاد السكندرى واستطاع أبناء الإسماعيلية مشاهدة الإسماعيلى وأبناء الدقهلية متابعة المنصورة والأهم من هذا كله أن الأجهزة الفنية للمنتخب بدأت الإعتماد على بعض لاعبى الأقاليم الذين أثبتوا أنفسهم وعلى سبيل المثال وجدنا لاعبا يدعى ياسر رضوان يتم الإعتماد عليه فى الجهة اليمنى للمنتخب بينما كان يلعب لنادى بلدية المحلة وما كانت موهبة هذا النجم ستظهر إلا من خلال نافذة القنوات المحلية التى أتاحت الفرصة لإكتشاف مثل هؤلاء النجوم فوجدنا منتخبا قويا يفوز ببطولة أفريقيا عام 1998 وسط عمالقة القارة بعد الإعتماد على اللاعبين الأكفأ وليس لاعبى الأهلى والزمالك فقط.
الآن وبعد مرور أكثر من عشرة أعوام على بطولة الأمم الأفريقية 1998 أصبحت مباريات الدورى المصرى تبث على العديد من القنوات الأرضية والفضائية، فبعدما كانت الفضائية المصرية فقط هى من تبث المباريات فضائيا ظهرت قناة واثنتين وثلاث فيما يعتبر انفتاحا بل وزاد الأمر لأكثر من عشر قنوات ليصبح لدينا تخمة فى هذا الإنفتاح، فهل عاد علينا هذا الإنفتاح بالنفع سواء للجماهير أو للأندية أو للاعبين؟
لا شك أن انطلاق القمر الصناعى المصرى الأول نايل سات 101 قد غير مفهوم الإعلام التلفزى لمصر والعديد من الدول العربية أيضا، فأصبحت دولة مثل مصر تملك مئات القنوات التليفزيونية التى تدار بشكل خاص ويملكها أفراد وليست الحكومة فأصبح الربح هو الهاجس الأول للملاك ولكى تصل للربح يجب أن تقدم الجديد والذى يتناسب مع المشاهد المصرى حتى تجذب الإعلانات وهى المصدر الأساسى لربح هذه القنوات.
ومما لاشك فيه أن كرة القدم تجذب شريحة عريضة جدا من الشعب المصرى فبدأ أصحاب الأموال فى إنشاء القنوات الرياضية أو السعى لشراء مباريات الدورى المصرى لتقديمها عبر بعض القنوات الغير متخصصة، وبالفعل تعددت القنوات التى تبث مباريات الدورى المصرى وجميعها قنوات مفتوحة على القمر المصرى أى أن الأمر لن يكلف المواطن المصرى الكثير فأصبح لدى المشاهد عديد الخيارات التى يمكن من خلالها أن يتابع فريقه المفضل وباقى الفرق ومتابعة من يفضل من معلقين ومحللين فبالتأكيد هذا التعدد جاء فى صالح المواطن تماما مع اعترافنا أن هذا التعدد لم يرتقى بمستوى التعليق أو الإخراج بالمرة.